إذا ذهبت الى دمياط وفى واحدة من بلداتها الطيبة تجدها هناك علامة من علامات المكان وذاكرة للزمان ، الكل يعرفها منذ كانت طفلة وسط اخوة واخوات كثر لابوين طيبين كحال معظم الاسر الريفية .
منذ صغرها وهى تحب الخير وكل مافى يدها لاتدخره بل تخرجه للفقراء والمارة وكل من تشعر لمجرد الشعور انه بحاجة لما تملكه يديها الصغيرتين . كبرت زينب وزاد جمالها خاطفا للابصار وتقدم لها شابا كان يمنى نفسه منذ ان رآها ان تكون زوجته ، اصر ابيها ان يحضر لها شبكة غالية ربما كان يضمر فى نفسه رفضا لهذا العريس واختار ارتفاع قيمة الشبكة لكى لاتكتمل الزيجة ولكن العريس وافق واحضر ماطلبه والد عروسه ومع مرور شهر استشفت زينب من حديث خطيبها المسمى عبده بأن الشبكة تثقل كاهله وبأن خطوات اتمام الزيجة تتقهقر لانه لايملك الا ماادخره واشترى به هذا الذهب الكثير المؤلف من سبع غويشات وحلق وعقد وخاتم ودبلة ..
قالت له وهى تحتويه حنانا وحبا متقلقش نفسك هتتحل وهتفضل ادام ابويا كبير وعالى ، نظر اليها وهو لايعرف ماذا تعنى ولا بماذا يرد عليها . وبعد اسبوع بالتمام فاجئته بما خططت له ونفذته فقد ذهبت الى قرية بعيدة عن قريتهم لواحد من صناع الذهب العيرة كما يسمونه او القشرة وطلبت منه ان يصنع لها مثل هذه الشبكة دهب فالصو .. ونظرت له وقالت وكلها حب وحنان : وهاهو دهبك ياعبده بعه وجهز به كل متطلبات الزواج . بكى عبده من موقفها وصنيعها وتعهد لها بان يحضر لها الدنيا كلها وبأنه لن ينسى جميلها معه . لم يعرف ايا من اهلها ولاحتى امها بما صنعته .وزفت الى عبده بالدهب الفالصو ، وعاشت معه سنوات من السعادة والحب فقد وعدها واوفى بما وعدها واكثر بل انه تفانى فى اسعادها وتحقيق كل ماتتمناه حتى لو كان بعيد المنال ، انجبت منه ولدان وابنة كانوا ثمرة حب تحدث عنه الجميع باعجاب وبتمنى ان يكونوا مثلهم .
الدنيا كما تعطى تأخذ وقد كان مااخذته من زينب شريكها عبده فى وقت قصير بمرض عضال انتزع منه عافيته تدريجيا الا انه زاده حبا لها وامانى بأن يطيل فى عمره من اجلها ومن اجل البقاء معها .
سنوات مرت بعد وفاته وهى كما الجبل صامدة ترعى اولادها وتسهر عليهم ، ويتزوجوا جميعا ، وتجد نفسها ام لكل اهل بلدتها ومحبوبة منهم جميعا باب بيتها مفتوح للكل الارامل والمطلقات والسعيدات والتعيسات. كل من صار فى ازمة يهرع اليها ولاتتوانى ولاتتأخر عنه بالمال والنصيحة ، بيتها اصبح مصنع لكل المأكولات والمشروبات فهى ان طبخت او خللت او خبزت او حتى عصرت عصيرا لايكون لبيتها فقط بل لكل من حولها وللقاصى والدانى والكل يشيد بها وبنفسها كما يقال هناك .
ام وليد الان بمثابة الملكة اليزابيث فى بلادها فهى محبوبة يتيمن بها الاهل والقريب والبعيد ، كلما نظرت من نافذتها وفتحت ابواب بيتها تتذكره وتترحم عليه وتذكره بكل الخير وتعد عدتها للقياه فى مقعد صدق عند مليك مقتدر بعد عمر يطلب المقربين منها واهل بلدتها ان يكون طويلا..