فى منطقة شعبية من مناطق مصرنا الجميلة عاشت هاتان الاسرتان فى ود وتراحم رغم التفاوت فى المستوى المعيشى فأسرة عم محمد امورها المادية ميسرة لكون رب الاسرة يعمل ناظرا لاحدى المدارس وزوجته هى الاخرى معلمة ويقال انها انتقاها من بين زميلات كثيرات كن يتنافسن للحصول عليه الا هى لم تكن تعيره اي اهتمام وهذا ماجذبها له …
اسرة عم محمد مكونة من اربع اولاد وبنتان كلهم فى مراحل مختلفة من التعليم وكلهم يمشون على درب ابويهم بأن يصبحوا من حملة الشهادات العليا، وفى المقابل نجد اسرة عم عبد المجيد الذى يعمل فى هيئة تجميل ونظافة القاهرة وزوجته من السيدات المصريات الكثيرات الراضيات بما قسم لهن من ابسط سبل الحياة معهم من الابناء ثلاثة ولدين وبنتا ولم ينجبا اكثر من ذلك لمرض اصاب الام استأصلت على اثره الرحم ، هاتان الاسرتان كانتا مثالا يحتذى فى كل شىء من محبة وايثار وود وتراحم …..
شب ابناء الاسرتين معا كانهم لاب واحد وام واحدة مما جعل الكثير يكيدون لهم ليوقعوا بينهم ويبدوا انهم لم ينجحوا فقد خطب عم محمد ابنته لابن عم عبد المجيد زميلها فى كلية الطب بنفسه وقرأ الفاتحة منتظرااستكمال الاثنين تعليمهما ليزفهما بنفسه ، وليس هذا فقط بل انه سار على نفس النهج واختار الابن الثانى عريسا لابنته معلنا ذلك اطمئنانه على مستقبل ابنتيه مع هذين الشابين الصالحين ….
تغيرت الدنيا وانتقل عم محمد الى حى من الاحياء الجديدة ومعه ابناءه الذين تسربوا واحدا تلو الاخر بين متزوج ومسافر وظل عم عبد المجيد فى الحى الشعبى ومعه زوجته وابنته التى تستكمل تعليمها الجامعى وكلهم سعداء ويزورهم من الحين للاخر ابناهم المتزوجات من اسرة عم محمد ويعيشون فى رفاهية ومعهم ابناءهم..
وكلما يعرض الابناء على ابيهم الانتقال معهم حيث يعيشون يرفض ويؤكد انه سعيد ولايستطيع ان يترك هذا الحى الذى شهد كل مراحل عمره وذكرياته وتؤكد على كلامه الزوجة ومعها الابنة التى تقسم انها لن تتركهما الا فى حالتين الزواج او الموت…
.فى يوم عصيب استقبلت اسرة عم عبد المجيد خبر اصابة اخر ابناء عم محمد فى حادثة مروعة وهرع الكل اليه بقلوب مرتجفة داعية الى الله نجاته فقد كان اكثر الابناء تدليلا واكثرهم جمالا لدرجة ان اباه سماه يوسف تشبها بجمال سيدنا يوسف عليه السلام ، يوسف كان زميل لابنة عم عبد المجيد فى الدراسة ولكنه لم يكن يعيرها اهتماما لكثرة من حوله من المعجبات ؛ على عكسها تماما كانت تفتعل المناسبات والمواقف كى تكلمه زاهدة فى كل من يتقدم لخطبتها وقلبها كله حب لهذا اليوسف الزاهد فيها الراغب فى كل من سواها ..
الحادثةلم تمر بسلام فقط لم تودى بحياته ولكنها اودت بقدرته على الابصار وكسور فى اماكن متفرقة من جسمه وندوب وسحجات اخذت من جماله الكثير ومن نفسيته الاكثر من الكثير بكثير ، اصبح يوسف عصبيا كئيبا فارضا على نفسه الوحدة رافضا اى مساعدات من اخوته وابويه ، ومن ناحيتها كانت الحبيبة القابضة على نار حبها تسعى يمينا ويسارا كى تفعل المستحيل لانهاء اخر عام من الاعوام الدراسية لحبيبها ولنفسها ايضا فكانت تجمع له المحاضرات واستطاعت ان تقدم التماس له بان يجرى له امتحان فى لجنة خاصة مناسبه لما جد على حياته، لم تكن جهودها تقابل بالشكر من يوسف ولاحتى باى لغة سوى الحزن والالم وهز الراس بالموافقة مع الامتعاض من كل شىء واى شىء وكراهية الدنيا بما فيها ومن فيها ، حبه جعلها تتحمل الكثير وتغض الطرف عن اكثر من ذلك ولاتتردد لحظة فى كونها لن تترك هذا الحبيب وستظل بجواره حتى يلتقى بالطبيب المعالج المناظر الالمانى الذى ارسلت اليه كل مايتعلق بحالةيوسف واكد لها انه لديه اخبار سارة سيقولها عندما يأتى اليه يوسف او حينما يعقد البروفوسيرالمؤتمر العلمى الكبير فى مصر وهو بصحبته وسيجريان العديد من الكشوفات والعمليات سيكون يوسف احداهم ، لم تستطع ان تخبر يوسف او والديه واخوته بما لديها من معلومات لانها تعلم ان الامور المادية ستحول دون ذهاب يوسف الى المانيا لذا فامامها فرصة انتظار مجىء الطبيب الى مصر والكشف على حبيبها والبوح بما لدى الطبيب من اخبار سارة …
فى هذه المرحلة استطاعت ان تنل قليل من ود يوسف واقناعه بمشاركتها فى احدى العيادات على مضض منه الا انه وافق فى النهاية وخلال فنرةعمله استطاع ان يخرج من عزلته ويعود رويدا الى حياته ويخرج من عزلته ويلتقى باصدقاءه الاولاد والبنات ، علا نجم يوسف فى حقل الطب واظهركفاءة رغم فقد بصره واصبحت العيادة تعج بالمرضى لدرجة جعلت الحاقدين يتمنوا ليوسف وزميلته الاذى وان تغلق عيادتهم ، السعادة بالنجاح ملأ قلب يوسف ومن تحبه بصمت ، وجاء موعد كشف يوسف عند الطبيب الغربى ومهدت هى له له واقنعته بالموافقة رغم محاولته التملص لخوفه من الفشل الا انها اقنعته بانها محاولة ان نجحت ففيها الخير وان فشلت فهذه ارادة الله لارد لها واختزنت بداخلها ماقاله لها الطبيب بان هناك انباء سارة خوفا منها على الا تتحقق فيصدم حبيبها ويعود الى المربع صفر الذى افنت عمرها لاخراجه منه …
ومضت ايام الكشف والجراحة وراء بعضها البعض وتكللت بعودة الابصار اليه وعودته الى الحياة مرة اخرى بكل ماأوتى من قوة ومن حرمان ايام فقد بصره ولكنه لم يراها ولم يثمن جهودها فقط شكرها وطلب منها اسفا الانسحاب من مشاركتها فى العيادة لانه سيفتتح اخرى تليق بوضعه الاجتماعى وتكون قريبة من محل سكنه الجديد فى احد الكومباوندات الجديدة التى سينتقل للعيش فيه مع عروسته التى كان يحبها من ايام الجامعة!