الرئيسية / مقالات / الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب..اضحك يامصطفى..!!

الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب..اضحك يامصطفى..!!

عندما ذهبت الى السينما بصحبة صديقتى عبير وشاهدنا فيلم الجوكر ، تذكرته بكل تفاصيله ومع كل مشهد من المشاهد العبقرية التى يؤديها بطل الفيلم ، وخاصة عندما يضحك بسبب ، وبلا سبب ، ويأخذك معه فى نوبة من ضحكه المبكى .

تذكرته مصطفى زميلنا فى سنوات الدراسة والذى كان وللاسف بالنسبة لنا مسليا ومضحكا .

مصطفى كان جميل الملامح ، صافى القلب ونحن كنا شياطين نتلاعب بطيبته ونسخرها بكافة الطرق كى يعلو ضحكنا وتزداد سعادتنا الغبية . لاحظنا منذ السنة الاولى أنه ضاحك الوجه وأنه بدون سبب يضحك ويطول ضحكه ومن هنا جاءت فكرتنا بأن نروض هذه الضحكة لاغاظة المدرسين ، فكنا نقول له بصوت هامس اثناء الشرح :اضحك يامصطفى ، ويضحك مصطفى ويلتفت المعلم ويسأله عن السبب وهو مواصلا لضحكه بهيستريا ، وهكذا كنا نتعامل معه وفى الابتدائية تمادينا اكثر واكثر بضحكات مصطفى وجعلناه يضحك حتى وهو يعاقب ويتلقى الضرب بالعصا على يديه ، فقط نقول له اضحك يامصطفى ، ويذرف دموعا غزيرة ولكنه يضحك حتى يمل المعلم من عقابه ويتركه وينظر الينا وكأنه يقول لنا هل انتم راضين عن طاعتى لكم !!

انتقلنا إلى المرحلة الاعدادية وكانت طبيعة المدرسة أن نتدرج حتى الدخول إلى الجامعة ، وفى الاعدادية تطورت الاعيبنا واستغلينا التحول البيولوجى واوهمنا مصطفى أن المدرسة تحبه، ولكى نحكم اللعبة عليه فأخبرنا المعلمة بأن سبب ضحكه شىء لاارادى حتى لاتعاقبه ، وكنا فى حصتها نطلب منه أن يضحك كالعادة فيضحك ويتمادى فى ضحكه كما عودنا واعتدنا ، ومعلمتنا تغض بصرها وسمعها عنه حتى نطلب منه الكف عن الضحك ونهمس فى اذنه بأنها لاتعاقبه لانها تحبه ، فكان يطير فرحا ، وبعد ذلك طلبنا منه أن يعبر عن هذا الحب فى خطابات وكان أسلوبه جميلا وخطه رائعا فكتب لها أحلى كلام من الممكن أن تسمعه أى إمرأة فى الدنيا ، ومعلمتنا كانت متزوجة من رجل شرطة رفيع المستوى وعندما وقعت خطابات مصطفى التى اخذناها منه ووضعناها فى حقيبة معلمتنا دون أن تدرى .

وفى اليوم التالى انقلب حال المدرسة كلها رأسا على عقب وجاء زوج المعلمة ومعه كتيبة من رجال البوليس مصرا على أخذ مصطفى معه إلى القسم والانتقام منه على هذا التطاول ، واقتحم علينا الفصل حينما كانت زوجته (معلمتنا ) تشرح الدرس ويبدو أنه أخذ الخطابات دون علمها ودون حتى أن تراها هى وتطلع على مافيها من كلمات غزل وعشق وحب ، دخل الفصل ووراءه مديرة المدرسة وهى تشتاط غيظا وتؤكد له أن هذا السلوك مرفوض ، وهى تظن أنه جاء لمعاقبة زوجته ، وحينما علمت بالسبب حاولت تهدئته هى وزوجته فى نفس الوقت ، وحينها ادركنا جريمتنا وعواقبها فحاولنا أن نثبت له أن مصطفى حالة خاصة فقلنا لمصطفى جملتنا المعتادة : اضحك يامصطفى وضحك مصطفى ولم يتوقف حتى خرج زوج المعلمة واعقبته المديرة والمعلمة ، وساعتها فقط ادركنا أننا سيئين للغاية وأننا لم نعطى الصداقة حقها وأن حبنا للهو طغى على روابط الصداقة .

والان وبعد سنين طويلة والمرور بتجارب وتحديات وتخطى مراحل عمرية بكل مافيها من فرح وطرح أصبحنا على يقين بأن مصطفى لم يكن سوى حائط الزمن الذى لم نقدر عليه وكل مافعلناه أن نفلسف المنا بالضحك وبالتمادى فى إيهام انفسنا بأننا لانؤذى احد ، فقط نضحك حتى تمضى الايام والمواقف ، ونمحى العبرات بضحكة نسرقها من مصطفى وعليه لكى نؤكد لدواخلنا أننا سعداء .

مصطفى الضاحك لازال على قيد الحياة ومعظمنا لازال ايضا ، ولكنه الان تغير لدرجة أنه لايستطيع أن يضحك ، وملامحه اصبحت جادة جامدة وعندما نلتقى وتذكره بالايام وبكلمة اضحك يامصطفى يبدو غير متذكر لكل الاحداث التى عشناها معا على مدى سنوات الدراسة بمراحلها الثلاثة ، مصطفى الان هو من يسعد بملامحنا وهى تضحك بل أنه يطلب من كل واحد منا بالاسم أن يضحك ونحن نرد عليه بايماءة ومحاولة جاهدة برسم ضحكة ، ولكننا إذا اردنا الضحك كما كان يضحك هو كنا نختلي بنفسنا ونقلد مصطفى حينما كان يضحك ويتمادى فى الضحك لدرجة السعادة ..

عن admin

شاهد أيضاً

هبه علي تكتب.. اغرس شجرة .. تصنع حياة..!!

في ظل مانعاني منه اليوم من تغيرات مناخية متطرفة وارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *